icon

DO GOOD FOR OTHERS

shape
shape

تقدير موقف قانوني وحقوقي بشأن أحداث قرية النجيلة – محافظة مطروح (أبريل 2025)

  • أبريل 13, 2025

تقدير موقف قانوني وحقوقي بشأن أحداث قرية النجيلة – محافظة مطروح (أبريل 2025)

تقدير موقف قانوني وحقوقي بشأن أحداث قرية “النجيلة” – محافظة مطروح (أبريل 2025)

أولاً: خلفية الواقعة

 

في تطور أمني مؤسف، وقع حادث مروع في قرية “النجيلة” بمحافظة مطروح إثر مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة في أثناء ملاحقة محكوم عليهم بقضايا مختلفة. في أعقاب هذا الحادث، اتخذت الأجهزة الأمنية عدة إجراءات من بينها:

  1. احتجاز 23 سيدة من أقارب المطلوبين في عملية أمنية شملت احتجاز النساء كأداة ضغط على أهالي المطلوبين.
  2. تسليم شابين من أهالي القرية بناءً على اتفاق عرفي بين الأجهزة الأمنية وكبار العائلات في مقابل الإفراج عن السيدات المحتجزات.
  3. تصفية الشابين: على الرغم من تسليم الشابين طواعية، تعرضا للتصفية في وقت لاحق، بينما أصدرت وزارة الداخلية بيانًا رسميًا قالت فيه إن الشابين قُتلوا في “تبادل لإطلاق النار” وتم تصنيفهم كـ”عناصر إجرامية شديدة الخطورة”.

 

ثانيًا: التحليل القانوني والحقوقي للأحداث

  1. الاحتجاز الجماعي للنساء
  • يُعد احتجاز النساء من أقارب المطلوبين انتهاكًا صريحًا للحقوق الأساسية والحرية الشخصية كما تنص عليها المادة (54) من الدستور المصري، والتي تمنع الاحتجاز إلا بأمر قضائي.
  • هذا الفعل يُعد خرقًا للحقوق الإنسانية، حيث يُستخدم العقاب الجماعي للضغط على الأهالي.
  1. التصفية الجسدية بعد تسليم الشابين
  • التصرف بتصفية الشابين بعد تسليمهما يشكّل انتهاكًا خطيرًا لحقهما في محاكمة عادلة، ويُعد “قتلًا خارج نطاق القانون”، مما يتنافى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 6).
  1. الإخلال بالاتفاقات العرفية مع القيادات المحلية
  • الاتفاق بين الأجهزة الأمنية وكبار العائلات بخصوص الإفراج عن السيدات في مقابل تسليم الشابين يعكس تراجعًا في احترام الاتفاقات العرفية، التي طالما كانت جزءًا من آلية حل النزاعات في المجتمعات القبلية.
  • خرق هذا الاتفاق يسهم في تقويض الثقة بين الأجهزة الأمنية والقيادات المحلية ويُعد تهديدًا للسلم الأهلي في تلك المناطق.
  1. التعامل مع الإعلام بشكل غير شفاف
  • إصرار الأجهزة الأمنية على تقديم رواية رسمية تتضمن تهمًا جاهزة ضد الشابين دون تقديم أي دليل مادي يُعزز تلك المزاعم يعكس سياسة تغييب الحقائق في الإعلام وتوجيهه لخدمة الأهداف الأمنية فقط.
  • تجاهل الحقائق التي قدمها الشهود والمُحامون الذين شهدوا على الواقعة يُقلل من مصداقية المؤسسات الأمنية ويُعزز من حالة فقدان الثقة في النظام.
  1. الانتهاك المستمر لحقوق الإنسان
  • ما حدث يشير إلى سياسة انتقامية وليست عدلية، حيث تُستخدَم السلطة لقمع المواطنين بدلاً من تحقيق العدالة.
  • مثل هذه السياسات تعزز من ثقافة الخوف وعدم الثقة، وهو ما يفتح الباب لمزيد من الانتهاكات.

 

ثالثًا: الآثار المجتمعية والأمنية المتوقعة

  1. فقدان الثقة في مؤسسات الدولة
  • استمرار الانتهاكات المتكررة يقود إلى تفشي أزمة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، خصوصًا في المناطق الحدودية مثل مطروح وسيناء، مما يزيد من مشاعر العزلة بين المجتمع والدولة.
  1. إضعاف الحلول السلمية
  • تصفية الأشخاص بعد تسليم أنفسهم يعزز الرسائل السلبية حول التعامل مع المطلوبين ويُشجّع على استخدام العنف بدلاً من الحلول السلمية في المستقبل.
  1. أثر ذلك على القيادات المحلية
  • خرق الاتفاقات مع القيادات المحلية يؤدي إلى إضعاف مكانتهم في المجتمعات المحلية ويقلل من تأثيرهم في تقليل التوترات داخل المجتمعات القبلية.
  1. نمو النزعة القبلية والانفصالية
  • استمرار تصعيد مثل هذه الحوادث يؤدي إلى نمو النزعات الانفصالية، حيث أن التعامل الأمني المكثف مع المجتمعات القبلية يخلق توترات قد تؤدي إلى تصاعد أعمال العنف والفوضى.

 

رابعًا: ملاحظات مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف

  1. ضرورة تبني سياسات تسليم طوعية آمنة
  • من الضروري تطوير آليات قانونية وآمنة لضمان التسليم الطوعي للمطلوبين، بحيث يتم ذلك في إطار قانوني محترم مع ضمان حماية حقوقهم القانونية.
  • يجب أن تكون هذه الآليات وسيلة للحد من العنف والقتل خارج نطاق القانون، وتوفير بدائل سلمية.
  1. غياب السياق الإعلامي يزيد من الأزمة
  • على الإعلام أن يتحمل مسؤولياته المهنية في تحقيق التوازن وتقديم الحقائق كاملة قبل الترويج لأي رواية رسمية، مما يُساعد في بناء جسور من الثقة بين المجتمع والدولة.
  1. ممارسة الانتقام بدلًا من العدالة
  • السياسة الانتقامية التي ظهرت في هذه الحادثة تتناقض مع مفاهيم العدالة وتُعرقل أي محاولات لبناء دولة تحترم القانون وتكفل الحقوق.
  1. إضعاف القيادات المجتمعية يزيد من الخطر
  • من الضروري احترام دور القيادات المحلية في حل النزاعات، وهو ما يتطلب الحفاظ على مصداقية الاتفاقات المجتمعية ومنع انتهاكها من قبل أي طرف.

 

خامسًا: توصيات مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف

  1. فتح تحقيق قضائي مستقل
  • يجب أن تتولى النيابة العامة التحقيق في الحادث بشكل مستقل وشفاف، مع ضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بشكل كامل.
  1. محاسبة المسؤولين عن الاحتجاز والتصفية
  • يجب محاسبة كل من أصدر أو نفّذ أوامر الاحتجاز أو التصفية، وتقديمهم إلى العدالة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.
  1. الاستثمار في آليات التسليم الطوعي
  • توصية بتطوير سياسات تشجع على التسليم الطوعي للمطلوبين عبر ضمانات قانونية لحمايتهم من التعرض للعنف أو التصفية.
  1. تعزيز دور القيادات المجتمعية
  • من الضروري دعم القيادات المجتمعية وإشراكها في عملية بناء السلم الاجتماعي، من خلال احترام الاتفاقات العرفية وتعزيز المصالحة المجتمعية.
  1. تحقيق الشفافية الإعلامية
  • يجب على وسائل الإعلام الالتزام بتغطية الأحداث بموضوعية، وعدم الانصياع للروايات الرسمية دون تحقيق دقيق ومراجعة للحقائق.
  1. إعادة تقييم السياسات الأمنية في المناطق الحدودية
  • يجب إعادة النظر في السياسات الأمنية المتبعة في المناطق الحدودية والصحراوية، من خلال تبني نهج تنموي يحترم حقوق الإنسان ويُعزز من التعاون بين الدولة والمجتمع.

 

خاتمة

إن أحداث “النجيلة” لا تمثل مجرد حادث أمني عابر، بل هي مؤشر على توترات متزايدة بين الدولة والمجتمع في المناطق الحدودية. يتطلب الموقف إصلاحًا شاملًا يبدأ من احترام حقوق المواطنين، وتفعيل القوانين، وتقديم العدالة بشكل حقيقي وشفاف.

إن أي تصعيد آخر في مثل هذه المناطق قد يُفضي إلى مزيد من العنف والتفكك الاجتماعي

للاطلاع بصيغة PDF 👈 https://tinyurl.com/29v7rczn