- الرئيسية
- البيانات
- ينبغي وضع حد للهجوم على منظمات حقوق الإنسان ومدافعيها
ينبغي وضع حد للهجوم على منظمات حقوق الإنسان ومدافعيها
تاريخ النشر :
2016/03/06
الحكومة تهدر أكثر من 30 تعهداً لحماية المجتمع المدني
بيان صحفي
يعرب مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف عن استنكاره وقلقه العميق إزاء الإجراءات التصعيدية التي تتخذها السلطات في مصر لاحكام الخناق على المنظمات الحقوقية واسكات أصوات المدافعين عن حقوق الانسان.
وجاءت أحدث هذه الإجراءات في 3 مارس 2016 من خلال استئناف التحقيقات مع الحقوقي والمحامي البارز نجاد البرعي مدير المجموعة المتحدة وذلك على خلفية ‘إعداد المجموعة المتحدة مشروع قانون متكامل لمكافحة جريمة التعذيب وتقديمه للرئاسة . وكانت هذه التحقيقات قد بدأت باستدعاء البرعي في مايو 2015 والقاضيين عاصم عبد الجبار وهشام رؤوف لمشاركتهم في إعداد مشروع القانون.
وقد وجهت إلى نجاد البرعي عدد من الاتهامات الخطيرة قبل ان تقرر النيابة اخلاء سبيله بضمان محل إقامته، وشملت هذه الاتهامات إدارة منظمة غير مشروعة هدفها إعاقة مؤسسات الدولة عن القيام بعملها وتكدير السلم العام والتحريض على مقاومة السلطات.
ولو آخذت هذه الاتهامات بجدية فإنها للأسف تعني استمرار تحصين جرائم التعذيب من المحاسبة واعتبار الداعين لمحاصرة تلك الجرائم والتصدي لها ليسوا إلا محرضين يسعون إلى إعاقة مؤسسات الدولة عن القيام بأعمالها !!
ويؤكد مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف على ان حماية السلم العام يتطلب التصدي الحازم من جانب مؤسسات الدولة لجريمة التعذيب وغيرها من الانتهاكات المنسوبة لبعض عناصر الشرطة والأجهزة الأمنية، كما يتطلب الاعلاء من مبدأ خضوع الدولة للقانون بدلا من ملاحقة وترهيب النشطاء ومداهمة المؤسسات الحقوقية التي ترصد هذه الانتهاكات والسعى لأغلاقها.
جدير بالذكر في هذا السياق ان الهجمات الأمنية على منظمات حقوق الانسان قد توجت في 18 فبراير 2016 بمداهمة مقر مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب تنفيذاً لقرار من إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة يقضي بإغلاق عيادة النديم بدعوي مخالفة شروط الترخيص على خلفية اصدار المركز تقارير دورية بشأن حالات التعذيب وتوثيق ورصد اعداد ضحايا العنف والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والحاطة بالكرامة في أماكن الاحتجاز.
تمثل هذه الإجراءات انتهاكا صارخا لاحكام المادة 93 من الدستور التي تلزم الدولة باحترام الاتفاقيات والعهود الدولية لحقوق الانسان المصدق عليها من جانب الحكومة والتي يتعين أن تصبح لها قوة القانون بعد نشرها.
وهي علاوة على ذلك تظهر استخفافا متواصلا بالتعهدات التي قطعتها الحكومة المصرية على نفسها امام مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة في ختام مداولات الجولة الثانية للاستعراض الدوري الشامل لسجل حقوق الانسان في مصر.
خلال عام واحد من صدور هذه التعهدات المعلنة في مارس 2015 التي تلزم الحكومة بتوفير بيئة آمنه ومناخ صحي لانشطة منظمات حقوق الانسان والمدافعين عنها، لم تتوقف السلطات عن مداهمة مقار المنظمات الحقوقية وملاحقة وتوقيف نشطاء حقوق الانسان.
-
في 9 يونيو 2015 اوفد قاضي التحقيق فيما يعرف بـ "قضية التمويل الاجنبي" لجنة من وزارة التضامن للتفتيش على مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، وفحص ما اذا كان المركز يقوم بأنشطة الجمعيات الاهلية التي ينظمها القانون 84 لسنة 2002. وهو ما اعتبر محاولة من جانب السلطات لتفعيل الإنذار الذي سبق ان وجهته الوزارة للمنظمات غير المسجلة وفقا لذات القانون، والذى زعمت الوزارة انها أوقفت تنفيذه. وتجدر الإشارة إلى ان مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان قد اضطر تحت وطأة تهديدات مباشرة وفي ظل المناخ الخانق للعمل الحقوقي ان يعلن إيقاف عدد من انشطته وبرامجه الإقليمية والدولية ونقلها خارج مصر.
-
في 4 ابريل 2015 اقتحمت قوة من قسم شرطة السيدة زينب ومباحث المصنفات الفنية مقر راديو حريتنا التابع لمركز اندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، وقامت بتفتيش المقر والتحقيق مع العاملين، حول كيفية صياغة الاخبار والمحتوي الخبري، وما إذا كانوا تابعين لأية مجموعات أو قوى سياسية. كذا ألقت القبض على أحمد سميح رئيس المركز وأحالته لنيابة السيدة زينب في اليوم نفسه، وبعد التحقيق معه، وتقديم الأوراق والمستندات اللازمة التي تثبت عدم صحة الاتهامات الموجهة إليه، تعنتت النيابة وقررت حبسه حتى صباح اليوم التالي لحين ورود تحريات مباحث الانترنت. وقررت النيابة في اليوم التالي إخلاء سبيله، بكفالة مالية قدرها 5 آلاف جنيه، بعد أن وجهت له خمس اتهامات من بينها، بث محتوى مرئي ومسموع دون تصريح من الجهات المختصة، وإدارة منشأة دون الحصول على ترخيص.
-
في 30 مايو 2015 داهمت قوة أمنية من مباحث المصنفات مكتب للتجهيزات الفنيّة مملوك للسيد/ حسن مبارك والقت القبض عليه بدعوى طباعة كتب وإعدادها للتوزيع بدون الحصول على تفويض من أصحاب الحقوق بالمخالفة للقانون. وصادرت قوات الامن عدد من "الزنكات" الخاصة بتجهيز الكتب وطباعتها والتي تخص كتابين أحدهم للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تحت عنوان "فوق الدولة.. الشركات متعددة الجنسيات في مصر" وكذا ديوان شعر "على ظهر التذكرة – شيماء الصباغ".
-
في 8 نوفمبر 2015 قامت النيابة العسكرية بالتحقيق والتحفظ على الناشط الحقوقي والصحفي حسام بهجت مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، على خلفية قيامه بنشر تحقيق حول احدي المحاكمات العسكرية، وقد وجهت النيابة العسكرية إلي بهجت تهمتي "إذاعة اخبار كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة الوطنية، ونشر معلومات تضر بالسلم العام"، وفي إطار حملات التضامن الدولي مع بهجت تم اخلاء سبيله في 10 نوفمبر 2015.
-
وعلى صعيد المنع من السفر أيضا، فقد فوجئ الناشط الحقوقي حسام بهجت في 23 فبراير بصدور قرار من النائب العام يقضي بمنعه من السفر دون إعلانه بالاسباب التي استوجبت منعه المفاجئ من السفر. وفضلا على ذلك فقد تعرض جمال عيد مؤسس ومدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان للمنع من السفر اثناء توجه لرحلة عمل إلى اليونان دون إيضاح اية أسباب للمنع من السفر. كما أوقف عناصر الأمن الوطني في مطار القاهرة في 4 أكتوبر 2015، مجموعة من الشابات في طريقهن لألمانيا بدعوة من منظمة أوروبية للتدريب على مكافحة العنف ضد المرأة، وقاموا باستجوابهن. وفي 31 أغسطس تعرّض 10 مدونين وناشطين شباب كانوا في طريقهم لمؤتمر شبابي تنظمه " الشبكة العربية للتربية المدنية" في الأردن لتجربة مشابهة. كما مُنع محمد لطفي، رئيس "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، من السفر في 2 يوليو، إلى ألمانيا لمقابلة نواب البرلمان ضمن نشاط منظمته. كما منعت من السفر سما التركي، التي تعمل في مؤسسة قضايا المرأة المصرية، وذلك قبل توجهها إلى الدنمارك 31 مايو.
إن مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف يدعو سلطات الدولة إلى وضع حد نهائي للهجمات المتواصلة على مدافعي حقوق الإنسان ومنظماتهم، ويشدد على أن تواصل تلك الهجمات يقدم خدمة جليلة للأطراف التي تسعى إلى تعميق عزلة مصر دوليا عبر الإنتقادات المتزايدة التي تطال سجلها الحقوقي. ويؤكد المركز على أن الارتقاء بحقوق الإنسان وتعزيزها يُشكل مدخلا أساسيا لاستعادة الاستقرار السياسي وإستئصال ظواهر العنف والإرهاب، وهو أمر لن يتأتى إلا في ظل علاقة صحية بين الدولة والمجتمع المدني وفي القلب منه منظماته الحقوقية.
وفي هذا الصدد فإن المركز يطالب الحكومة ومجلس النواب بالعمل بصورة جدية لضمان وفاء الحكومة بتعهداتها المعلنة أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مارس 2015. ويذكر في هذا الإطار إن هذه التعهدات شملت أكثر من 30 توصية قبلتها الحكومة وتوجب في مجملها اجراء التعديلات الواجبة على التشريعات الوطنية لضمان اتساقها مع أحكام الدستور الحالي وعلى الأخص قانون الجمعيات رقم 84 لسنة 2002 بما يكفل تيسير عمل منظمات المجتمع المدني وإزالة القيود المفرطة على تسجيل وتمويل وأنشطة هذه المنظمات وتوفر الحماية الواجبة للمدافعين عن حقوق الإنسان وتهيئة بيئة آمنة مواتية للمجتمع المدني. كما شملت عشرات من التوصيات والتعهدات الأخرى التي تقدمت بها الحكومة والتي تقضي بمكافحة جرائم التعذيب، من خلال ضمان احترام مواد الدستور التي تمنع وتجرم استخدام التعذيب وسائر ضروب سوء المعاملة، وفقا للالتزامات المترتبة عليها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.
إن تنفيذ تلك التوصيات وغيرها من التعهدات المعلنة من جانب الحكومة للنهوض بحقوق الإنسان يقتضي وقف كافة أشكال التحرش بالمنظمات الحقوقية ونشطائها ووقف كافة حملات التشهير بها وبمدافعي حقوق الإنسان، تمهيدا للبدء في حوار مجتمعي جاد يفترض أن ترعاه الحكومة ومجلس النواب يهيء السبيل لتدشين خطة وطنية لتعزيز حقوق الإنسان انطلاقا من أحكام الدستور المصري والتعهدات الحكومية الطوعية المعلنة قبل عام في ختام الجولة الثانية للإستعراض الدوري الشامل لوضعية حقوق الإنسان في مصر.